الأشهر العربيةشهر رمضان
شهرُ رَمَضَانَ / سبب هذه التسميته / فضائل شهر رمضان
شهرُ رَمَضَانَ / سبب هذه التسميته / فضائل شهر رمضان
اقتضت حكمة الله تعالى تفضيل بعض الناس على بعض ، وبعض الأماكن على بعض ، وبعض الشهور على بعض ، ومن هذه الأشهر التي فضلها الله تبارك وتعالى شهر رمضان .
فهذا الشهر الكريم له فضائل وخصائص تميزه عن غيره من الشهور فأحببت أن أشارك هذه التدوينة المتواضعة حول فضائل شهر رمضان من خلال كتاب الله وسنة نبيه ﷺ ⸲ عسى أن ينفعني الله وإياكم بها ⸲ إنه ولي ذلك والقادر عليه .
شهرُ رَمَضَانَ :
شهر رمضان هو الشهرُ التاسعُ في التقويم الهجري يأتي بعد شهر شعبان ، ويعتبر هذا الشهر مميزًا عند المسلمين وذو مكانة خاصة عن باقي شهور السنة الهجرية، فهو شهر الصوم الذي يعد أحد أركان الإسلام، حيث يمتنع في أيامه المسلمون (باستثناء بعض الحالات) عن الشراب والطعام مع الابتعاد فيه عن الشهوات من الفجر وحتى غروب الشمس .
يبدأ شهر رمضان عند ثبوت رؤية الهلال يوم 29 من شعبان، وفي حالة عدم رؤيته يصبح شهر شعبان 30 يوماً فيكون اليومُ التالي أول أيام رمضان، وتبلغ مدة الشهر 29-30 يوم أيضًا بثبوت رؤية الهلال، وعند انتهاء رمضان يحتفل المسلمون بعيد الفطر.
سبب تسميته برمضان :
اسم رمضان لم يكن مقتصرا على الإسلام ، ولم يوجد الاسم فقط بعد بعثة النبي محمد، فالاسم كان موجوداً منذ الجاهلية ، حيث كان الناس يسمُّون أشهر السنة حسب وقت وقوعها في الوقت الذي تمت فيه التسمية أو حسب نوع الشهر .
فكلمة رمضان جاءت من الأصل "رمَض" وهي شدة الحر، حيث كانت تسمية رمضان في وقتٍ جاء فيه شديد الحر؛ فأُطلق عليه هذا الاسم .
والاسم متطابق مع طبيعة هذا الشهر عند المسلمين، حيث أن جوف الصائم يشتد حره من شدة الجوع والعطش فيكون جوفه رمِضاَ .
فضائل شهر رمضان :
من الفضائل التي اختص بها شهر رمضان المبارك عن غيره من الشهور ما يلي :
فضل الصيام :
اقتضت حكمة الله تعالى أن يكون للناس من بين سائر الشهور شهر يقضون بياض نهاره في عبادة الصوم، واختار أن يكون شهر رمضان هو الشهر الذي تؤدي فيه هذه العبادات ذات الحكمة السامية، والثواب الجزيل.
يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ ( كلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ له إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ إنَّمَا يتْرُكُ طعامَهَ وشَرَابَهُ مِن أجْلِي فصيامُهُ لَه وأنا أجزِي بِه كلُّ حسنةٍ بعشرِ أمثالِهَا إلى سبعمائِةِ ضعفٍ إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ ) .
الراوي : أبو هريرة | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد |الصفحة أو الرقم : 13/239 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
أضاف الله تعالى صيام العبد إلى نفسه؛ لأن سائر الأعمال تظهر على صاحبها، وقد يدخلها شيء من الرياء، والصوم لا يظهر على صحابه، فيقع لله خالصاً، وأخبر في الحديث: أن الله تعالى يتولى جزاءه بنفسه⸲ فإن أكرم الأكرمين لا يقابل العمل الصالح إلا بالجزاء الأوفى، وأكد ذلك بأن جزاء الصوم فوق الجزاء المضعف إلى سبعمائة ضعف ⸲ وهذا دليل على رفعة منزلة الصيام .
فإن القصد من الصيام: الإصلاح والتهذيب، لا تعذيب النفوس بنحو الجوع والعطش : لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ)).
الراوي : أبو هريرة / المحدث : البخاري / المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 1903 |خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
وليس معنى هذا الحديث: أن من يقول زوراً ويعمل به، ليس له من صيام، وإنما القصد منه: التنبيه على أن الصيام لا يتقبله الله تعالى بقبول حسن إلا إذا اجتنب صاحبه قول الزور والعمل به.
صيام شهر رمضان يكفر الذنوب :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ) .
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 233 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث : خُلِقَ الإنسانُ ضَعيفًا، يُخطِئ ويُذنِبُ، ويَغلِبُه الشَّيطانُ والنَّفسُ، وقدْ جعَلَ اللهُ تعالى له أُمورًا تُكفِّر السيِّئاتِ إذا اجتَنبَ الكَبائِر، ومنها ما ذَكرَه النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ في هذا الحديثِ، حيثُ قال: "الصَّلواتُ الخَمسُ"، أي: كُلُّ صلاةٍ إلى التي تَليها، "والجمُعَةُ إلى الجُمعَةُ"، أي: صَلاةُ الجمُعَةِ إلى الجُمعَةِ التي تَليها، "ورمضانُ إلى رمَضانَ"، أي: وصيامُ رمضانَ إلى رمَضانَ الذي يَليهِ، كلُّ هؤلاءِ مُكفِّراتٌ ما بينَهنَّ إذا اجتُنبَتِ الكَبائرُ، أي: مُكفِّراتٌ لصَغائرِ الذُّنوبِ والآثامِ، وإنَّما للكَبائرِ في تَكفيرِها شأنٌ آخَرُ، ألَا وهو التَّوبةُ، و"الكَبائِرُ" المقصودُ بها الذُّنوبُ العَظيمةُ، وهي كلُّ ذَنبٍ أُطْلِقَ عليه- في القُرآنِ، أو السُّنَّةِ الصَّحيحةِ، أو الإجماع- أنَّه كَبيرةٌ، أو أنَّه ذنبٌ عَظيم، أو أُخْبِر فيه بشِدَّةِ العقابِ، أو كانَ فيه حَدٌّ، أو شُدِّدَ النَّكيرُ على فاعلِه، أو ورَد فيه لَعْنُ فاعلِه. وقيل: الكبائِرُ هي كلُّ فِعلٍ قَبيحٍ شَدَّدَ الشَّرْعُ في النَّهيِ عنه، وأعْظَمَ أمْرَه.
وفي الحَديثِ: بيانٌ لسَعةِ رحمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ وتَفضُّله بالمغفرةِ وإعْطاء الأجْرِ العظيمِ على العَملِ القَليلِ.
وفي حديث آخر : ( بينَما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على المِنبَرِ إذ قال آمينَ ثلاثَ مرَّاتٍ فسُئِلَ عن ذلك فقال: أتاني جبريلُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: مَن ذُكِرْتَ عندَه فلم يُصَلِّ عليك فأبعَده اللهُ قُلْ آمينَ
فقُلْتُ آمينَ قال: ومَن أدرَك والِدَيه أو أحدَهما فمات ولم يُغْفَرْ له فأبعَده اللهُ قُلْ آمينَ فقُلْتُ آمينَ ومَن أدرَك رمضانَ فلم يُغْفَرْ له فأبعَده اللهُ قُلْ آمينَ فقُلْتُ آمينَ ) .
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد الصفحة أو الرقم: 10/168 | خلاصة حكم المحدث : فيه يزيد بن أبي زياد وهو مختلف فيه وبقية رجاله ثقات
نزول القرآن الكريم في رمضان :
قال الله تعالى : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [ البقرة الآية:185]
فضّل الله تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور ، بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم فيه ، وكما اختصه بذلك ، فقد ورد الحديث بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء ⸲ كما جاء في هذا الحديث : ( أُنْزِلَت صُحفُ إبراهيمَ في أوَّلِ ليلةٍ من رَمضانَ . وأُنْزِلَتِ التَّوراةُ لِستٍّ مَضينَ من رمضانَ ، والإنجيلُ لثلاثَ عشرةَ خلَت من رمَضانَ ، أنزل اللَّه القرآنُ لأربعٍ وعشرينَ خَلَت من رمضانَ ) .
الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : عمدة التفسير | الصفحة أو الرقم : 1/220 | خلاصة حكم المحدث : [أشار في المقدمة إلى صحته
رمضان شهر تتضاعف فيه الأعمال :
شَهْرُ رَمضانَ مِن مَواسمِ الخَيرِ والغُفرانِ؛ فَفيه تكثر الطاعات فيكثر الثواب، وتقل فيه المعاصي فيقل العقاب، ومِنْ فَضلِه- كما في هذا الحديثِ-: وإلى هذا يشير قوله صلى الله عليه وسلم: (( إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ )) .
الراوي :أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 1079 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج :أخرجه البخاري (3277)، ومسلم (1079) واللفظ له
شرح الحديث : سُلْسِلَتِ الشَّياطِينُ، أي: شُدَّت بالسَّلاسلِ ومُنِعَتْ مِنَ الوُصولِ إلى بُغيَتِها مِن إفسادِ المسلمينَ بالقَدْرِ الَّذي كانت تَفعَلُه في غَيرِ رَمضانَ، كُلُّ ذلك لِمَا خَصَّ اللهُ هذا الشَّهرَ بتَنزُّلِ الرَّحماتِ والغُفرانِ.
الإنفاق في رمضان و قراءة القرآن الكريم :
أمر الشارع بالإنفاق في وجوه البر، وورد في السنة ما يدل على أن للإنفاق في هذا الشهر فضلاً على الإنفاق في بقية الشهور، يظهر هذا من حديث ابن عباس، قال:((كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ. وَعَنْ عبدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ بهذا الإسْنَادِ نَحْوَهُ، وَرَوَى أبو هُرَيْرَةَ، وفَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُهُ القُرْآنَ )).
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3220 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] [وقوله: وروى أبو هريرة وفاطمة... معلقان، وصلهما في موضعين آخرين]
شرح الحديث : كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أجوَدَ النَّاسِ، أي: أعظَمَ النَّاسِ وأكثرَهم جُودًا على الإطلاق .
وكان أجوَدَ ما يكونُ في شهر رمضانَ، أي: وكان يَتضاعَفُ جُودُه في هذا الشَّهرِ حين يَلْقاهُ جبريلُ .
وكان يلْقاهُ في كلِّ ليلة من رمضانَ فيُدارِسُه القرآنَ، أي: والسَّببُ في زيادة كَرَمِه، ومُضاعَفةِ جُودِه، يَرجِعُ إلى أمرينِ: الأوَّلُ: الْتقاؤُه بالرُّوحِ الأمين جبريلَ عليه السَّلامُ. الثَّاني: مدارسةُ القرآن .
فلَرسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أجوَدُ بالخير مِن الرِّيح المُرسَلةِ، أي: أكرَمُ وأكثرُ عطاءً وفعلًا للخير، وأعظَمُ نفعًا للخَلقِ مِن الرِّيحِ الطَّيِّبةِ التي يُرسِلُها اللهُ بالغيثِ والرَّحمة.
وروى أبو هريرةَ وفاطمةُ رضِي اللهُ عنهما عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أنَّ جبريلَ كان "يُعارِضُه القرآنَ"، أي: في كلِّ سَنةٍ مرَّةً، وأنَّه عارَضَه في العامِ الذي قُبِضَ فيه مرَّتينِ.
في الحديث: الحثُّ على الجُودِ والإفضالِ في كلِّ الأوقات، والزِّيادةِ منه في رمضانَ.
وفيه: زيارةُ الصُّلحاءِ وأهلِ الفضلِ ومجالستُهم؛ لأنَّها سببُ الخير والصَّلاح.
وفيه: الإكثارُ من البَذْلِ والعطاءِ والإحسانِ وقِراءةِ القرآنِ في شهر رمضانَ.
و على المسلمين التأسي برسول الله ﷺ ⸲ فهذا الحديث يدعو إلى بسط اليد بالمعروف في هذا الشهر أكثر من بسطها فيما عداه من الشهور؛ حتى يجد الفقراء من إحسان الأسخياء راحة بال، فيقبلوا على الصيام والقيام بنشاط ⸲
وجاء في الحديث ما يرشد إلى الاستكثار من تلاوة القرآن تمكيناً لحجته، واستضاءا بنور حكمته ⸲ وما زال أولو الألباب من الناس يجعلون لشهر رمضان نصيباً من تلاوة القرآن أكثر من نصيب كل شهر .
قيام الليل :
شَهرُ رمضانَ أفضل الشهور، وقيامُ ليلِه مِن الأعمالِ الجَليلةِ؛ فمَنْ قام كُلَّ رمضانَ، وَأَحْيا لياليَهُ؛ رغبةً في الثَّوابِ من عِند اللهِ تبارَكَ وتعالى، لا مُسْتَثْقِلًا ولا مُتَضَجِّرًا، فإنَّ في ذلك مَغفرةً لِلذُّنوبِ ⸲ كما ورد في هذا الحديث : ( كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ، فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ . فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَالأمْرُ علَى ذلكَ ثُمَّ كانَ الأمْرُ علَى ذلكَ في خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصديق ، وَصَدْرًا مِن خِلَافَةِ عُمَرَ علَى ذلكَ ) .
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 759 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
شرح الحديث : في هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو هريرةَ رضِي اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "كان يُرَغِّبُ في قيامِ رمضانَ"، أي: يَحُثُّ على قيامِ ليالي رمضانَ بالصَّلاةِ، "مِن غيرِ أنْ يأمُرَهم فيه بعزيمةٍ"، أي: إنَّ أمْرَهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لهم ليس على سَبيلِ الإلزامِ لهم، فيقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَنْ قام رمضانَ"، أي: مَنْ صلَّى القيامَ؛ "إيمانًا" بما جاء عَنِ اللهِ تعالى، "واحتِسابًا"، أي: للثَّوابِ والأجْرِ، كان جزاؤُهُ "غُفِرَ له ما تَقدَّمَ"، أي: ما سبَق من ذنْبِه، وذلك من تَرغيبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَهُ في الخَيْرِ والأعمالِ الصَّالحةِ التي تكون سببًا في تكفيرِ الذُّنوبِ، وفي زِيادةِ ثوابِهم وأُجورِهِمْ.
قال: "فَتُوُفِّيَ"، أي: قُبِضَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "والأمْرُ على ذلك"، أي: كان هذا الأمْرُ، وهو صلاتُهُمُ القيامَ مُنْفَرِدينَ، كُلُّ واحدٍ مِنْهُمْ يُصلِّي في بَيْتِهِ، "ثمَّ كان الأمرُ على ذلك في خِلافَةِ أَبي بَكْرٍ"، أي: كان أمرُ قيامِ ليالي رمضانَ من غيرِ جماعةٍ في خِلافَةِ أَبي بَكْرٍ كُلِّها، "وصَدْرًا من خِلافَةِ عُمَرَ على ذلك"، أي: أوَّلَ خلافةِ عمرَ، ثمَّ جَمَعَهُمْ عمرُ رضي الله عنه، وجعَل لهم أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ إمامًا، فصلَّى بهم جماعةً، واستمرَّ العملُ على قِيامِها جماعةً .
وفِعلُ عُمرَ رضي الله عنه هو مِن فِعلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لَمَّا صلَّى بالناسِ مَرَّةً وامتنعَ أن يُكرِّرَها معهم خَشيةَ أن تُفرَض عليهم؛ فلمَّا زالَ السببُ بموتِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وانقطاعِ الوحيِ رَأَى عمرُ أنَّ الأَوْلَى اجتماعُهم، كما اجتَمَعوا عليها على عَهدِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم.
وهذا مِن الاجتهادِ المشروعِ؛ لأنَّ له أصلًا في الدِّين يُعتمَدُ عليه ويَنبثِقُ منه، أمَّا البدعةُ غيرُ المشروعةِ فهي التي ليس لها أصلٌ في الدِّين، أو دليلٌ يُعتمَدُ فيها عليه.
وفي الحديثِ: الحَثُّ على قيامِ رمضانَ، وفَضلُه.
وفيه: فِقه عُمرَ رضِي اللهُ عنه وحُسنُ نَظرِه في مصالِح المُسلِمين الدِّينيَّةِ، كما كان حَسَنَ النظرِ في مَصالحِهم الدُّنيويَّة أيضًا.
هذا ما تيسر لي جمعه حول فضائل شهر رمضان المبارك , ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال , وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم .
ولاتنسونا من صالح دعائكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق