التاريخبداية الخلق
خلق السموات والأرض / ما جاء في سبع أرضين
خلق السموات والأرض / ما جاء في سبع أرضين
السموات و الأرض ׃
قال
الله تعالى:
﴿
الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ
وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ
وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾
[الأنعام
1].
وقال
تعالى:﴿
خَلَقَ
السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ
أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى
الْمَاءِ﴾
[هود:
7]
اختلف
أهل العلم في معنى الأيام الستة التي خلق
الله فيها السموات والأرض ومقدار هذه
الأيام؛
من
العلماء من
توقَّف في مقدار هذه الأيام؛ لأنه لم يأتِ
نصٌّ قاطعٌ في تحديد مقدارها؛ لأن الزمان
هو نسبة الحوادث إلى بعضها؛ كما ذكر ابن
القيم -
رحمه
الله -
فالأيام
في الدنيا مقدرةٌ بحركةِ الشمس والقمر،
ولم تكن الشمسُ ولا القمرُ موجودين قبل
خلْق السموات والأرض، حتى يُصار إلى
التقدير بهما .
وقال
ابن كثير في "تفسيره"
(3/
426) :
"والستة
الأيام هي:
الأحد،
والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس،
والجمعة، وفيه اجتمع الخلقُ كلُّه، وفيه
خُلِقَ آدم -
عليه
السلام -
واختلفوا
في هذه الأيام:
هل
كلُّ يومٍ منها كهذه الأيام، كما هو
المتبادر إلى الأذهان؟
أو كلُّ
يومٍ كألف سنة، كما نص على ذلك مجاهد،
والإمام أحمد بن حنبل؟".
قال
البغوي في "تفسيره"
(3/
235):
"أراد
به في مقدار ستة أيام؛ لأن اليوم من لدنْ
طلوع الشمس إلى غروبها، ولم يكن -
يومئذٍ
-
يومٌ،
ولا شمسٌ، ولا سماءٌ، قيل:
ستةُ
أيامٍ كأيام الآخرة، وكلُّ يوم كألف سنة،
وقيل:
كأيام
الدُّنيا، قال سعيد بن جبير:
كان
الله -
عز
وجل -
قادرًا
على خلق السموات والأرض في لمحة ولحظة،
فخلقهن في ستة أيام؛ تعليمًا لخلقه
التثبُّت والتأني في الأمور، وقد جاء في
الحديث:
((التأني
من الله، والعجلةُ من الشيطان))".
قال
ابن عطية في "تفسير
المحرر الوجيز"
(ج3
ص152): "قال
أكثرُ أهل التفسير:
الأيامُ
هي من أيام الدُّنيا".
و
من العلماء مَن
قال:
أن
تلك الأيامَ مقدارُها ستةُ آلافِ يومٍ.
وهذا مرويٌّ عن ابن عباسٍ، ومجاهدٍ، والضحاكِ، واختاره ابن جريرٍ الطبريُّ ؛ كما في "تفسيره" (12/ 482):
وهذا مرويٌّ عن ابن عباسٍ، ومجاهدٍ، والضحاكِ، واختاره ابن جريرٍ الطبريُّ ؛ كما في "تفسيره" (12/ 482):
"قال
مجاهد:
"بدءُ
الخلق:
العرشُ،
والماءُ، والهواءُ، وخُلِقت الأرضُ من
الماء، وكان بدءُ الخلق يومَ الأحد،
والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس،
وجُمع الخلق في يوم الجمعة، وتهوَّدت
اليهودُ يوم السبت، ويومٌ من الستة الأيام
كألف سنة مما تعدُّون".
حكى
ابن جرير:
في
أول الأيام ثلاثة أقوال، فروى عن محمد بن
إسحاق أنه قال:
يقول
أهل التوراة: ابتدأ
الله الخلق يوم الأحد.
ويقول
أهل الإنجيل:
ابتدأ
الله الخلق يوم الاثنين.
ونقول
نحن المسلمون فيما انتهى إلينا عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم:
ابتدأ
الله الخلق يوم السبت
⸲
وهذا القول
مال إليه طائفة من الفقهاء من الشافعية،
وغيرهم.
واختار
هذا القول الإمام أحمد ابن حنبل في كتابه
الذي رد فيه على الجهمية، وابن جرير وطائفة
من المتأخرين، والله أعلم.
وقال
تعالى:﴿هُوَ
الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ
جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ
فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
[البقرة:
29]
﴿هُوَ
الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ
جَمِيعًا﴾ قال ابن العثيمين -
رحمه
الله -:
أي
أوجد عن علم وتقدير على ما اقتضته حكمته
جلّ وعلا، وعلمه؛
و﴿لَكُمْ﴾:
اللام
هنا لها معنيان؛ المعنى الأول:
الإباحة،
كما تقول:
"أبحت
لك"؛
والمعنى الثاني:
التعليل:
أي
خلق لأجلكم..
قوله
تعالى:
﴿
مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾؛ ﴿ مَا ﴾
اسم موصول تعُمّ:
كل
ما في الأرض فهو مخلوق لنا من الأشجار،
والزروع، والأنهار، والجبال
وكل
شيء.
﴿
ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ
فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ﴾ قال
ابن كثير -
رحمه
الله -
ما
مختصره:
أي:
قصد
إلى السماء، والاستواء هاهنا تَضَمَّن
معنى القصد والإقبال؛ لأنه عدي بإلى ﴿
فَسَوَّاهُنَّ ﴾ أي:
فخلق
السماء سبعًا، والسماء هاهنا اسم جنس،
فلهذا قال:
﴿
فَسَوَّاهُنَّ ﴾.
﴿
وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ أي:
وعلمه
محيط بجميع ما خلق.
كما
قال:
﴿
أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ ﴾ [الملك:
14]
وتفصيل
هذه الآية في سورة حم السجدة وهو قوله:﴿قُلْ
أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي
خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ
وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ
رَبُّ الْعَالَمِينَ *
وَجَعَلَ
فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ
فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا
فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً
لِلسَّائِلِينَ *
ثُمَّ
اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ
فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا
طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا
طَائِعِينَ *
فَقَضَاهُنَّ
سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى
فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا
السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ
وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ
الْعَلِيمِ﴾[فصلت:
9
– 12].
فهذا
يدل على أن الأرض خلقت قبل السماء لأنها
كالأساس للبناء، كما قال تعالى:
﴿
اللَّهُ
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً
وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ
فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ
مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ
رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ
الْعَالَمِينَ ﴾
[غافر:
64].
فأما
قوله تعالى:
﴿
ءأنْتُمْ
أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا
*
رَفَعَ
سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا *
وَأَغْطَشَ
لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا *
وَالْأَرْضَ
بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا *
أَخْرَجَ
مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا *
وَالْجِبَالَ
أَرْسَاهَا*
مَتَاعاً
لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ
﴾
[النازعات:
27-33].
فقد
تمسك بعض الناس بهذه الآية على تقدم خلق
السماء على خلق الأرض فخالفوا
صريح الآيتين المتقدمتين، ولم يفهموا
هذه الآية الكريمة فإن مقتضى هذه الآية
أن دحى الأرض وإخراج الماء والمرعى منها
بالفعل بعد خلق السماء.
وقد
كان ذلك مقدراً فيها بالقوة كما قال
تعالى:
﴿
وَبَارَكَ
فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾
[فصلت:
10].
أي
هيأ أماكن الزرع، ومواضع العيون والأنهار،
ثم لما أكمل خلق صورة العالم السفلي
والعلوي، دحى الأرض فأخرج منها ما كان
مودعاً فيها فخرجت العيون وجرت الأنهار،
ونبت الزرع والثمار، ولهذا فُسر الدحى
بإخراج الماء والمرعى منها، وإرساء الجبال
فقال:
﴿
وَالْأَرْضَ
بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا *
أَخْرَجَ
مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا
﴾
[النازعات:30-31].
وقوله:
﴿
وَالسَّمَاءَ
بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا
لَمُوسِعُونَ *
وَالْأَرْضَ
فَرَشْنَاهَا فَنِعْ الْمَاهِدُونَ
*
وَمِنْ
كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
﴾
[الذرايات:
47-
49].
بأيدٍ:
أي
بقوة.
وأنا
لموسعون:
وذلك
أن كل ما علا اتسع ⸲
فكل
سماء أعلى من التي تحتها فهي أوسع منها⸲
ولهذا
كان الكرسي أعلى من السموات
⸲
وهو
أوسع منهن كلهن ⸲
والعرش
أعظم من ذلك كله بكثير.
وَالْأَرْضَ
فَرَشْنَاهَا׃
أي
بسطناها
وجعلناها مهداً أي قارة ساكنة غير مضطربة،
ولا مائدة بكم.
ولهذا
قال:
{فَنِعْمَ
الْمَاهِدُونَ}
والواو
لا تقتضي الترتيب في الوقوع.
وإنما
يقتضي الإخبار المطلق في اللغة، والله
أعلم.
: السموات السبع
ما
يلفت النظر هو أنّ الحديث عن (السموات
السبع)
ورد
في سبع آياتٍ من القرآن الكريم وهي : البقرة 29 ؛
الاسراء 44 ؛
المؤمنون 86 ؛
فصلت 12 ؛
الطلاق 12 ؛
الملك 3 ؛
نوح 15 ,
(واشيرَ
في آيتين (المؤمنون 17؛
النبأ 12)
إلى
(سبع
طرائق)
وسبعاً
شداداً أيضاً حيث يمكن أن يكونا إشارة
إلى السموات السبع أيضاً. .
وتمّت
الإشارة في احدى هذه الآيات إلى طبقات
الأرض السبع أيضاً ، حيث يقول تعالى :
{اللَّهُ
الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَواتٍ وَمِنَ
الارْضِ مِثْلَهُنَّ}.
(الطلاق/
12)
ومن
بين جميع التفاسير المختلفة التي ذُكرت
عن السموات السبع ، يظهر أنّ التفسير
الصحيح هو أنَّ المقصود من «السموات
السبع»
هو
المعنى الحقيقي للسموات السبع ، أي
السماء لا تعني الكرات ، بل مجموعة
النجوم والكواكب في العالم العلوي ،
والمقصود من العدد (سبعة)
هو
الرقم المعروف ، وليس هو للكثرة.
إنَّه
ما يظهر من الآيات الاخرى هو أنّ كل ما
نراهُ من نجوم ثابتةٍ ، وسيّارة ، ومجرّات
، وسُحُبٍ يتعلق (بالمجموعة
السماوية الاولى)
وعليه
فهناك ست مجاميع عظيمة اخرى (ست
سموات)
تلي
هذه المجموعة العظيمة ، حيث إنّ بعضها
أكبر من البعض الآخر ، وتلك خارجةٌ عن
متناول علم الإنسان (لحد
الآن على الأقل).
نقرأ
في قوله تعالى :
{إِنَّا
زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنيا بِزِيْنةٍ
الْكَواكِبِ}.
(الصافات/
6) وجاء
في قوله تعالى :
{وَزَيَّنَّا
السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيْحَ}.
(فصلت/
12)
وورد
هذا المعنى أيضاً باختلافٍ طفيفٍ في
الآية الخامسة من سورة المُلك.
صحيحَّ
أنَّ معداتنا العلمية الحديثة لم تكشف
الحجب عن العوالم الستة الاخرى غير أنّه
ليس هنالك من دليل ينفيها من الناحية
العلمية أيضاً ، ويحتمل أن يكشف النقاب
عن هذا السر في المستقبل.
بل
يظهر من اكتشافات بعض علماء الفلك أنّ
هناك الآن براهين تلوح في الافق عن وجود
عوالم اخرى شبيهة لما نقلناه آنفاً عن
مرصد (بالومار)
الشهير
فيما يتعلق بعظمة العالم ، ونكرر الجملة
التي تشهد على كلامنا هذا «تمّ
اكتشاف الملايين من المجرّات الجديدة
حيث يبعد بعضها عناّ مليارد سنةٍ ضوئية
، لكن هناك فضاءً عظيماً مَهيباً ومظلماً
لم يُرَ أيُّ شيء من خلاله أبداً ويبعد
مسافة مليار سنة ضوئية ، إلّا أنّ ممّا
لا شك فيه وجود مئات الملايين من المجرّات
في ذلك الفضاء المهيب المظلم ، حيثُ تصانُ
الدنيا من خلال جاذبية تلك المجرّات ،
ويُعتقد أنّ هذه الدنيا العظيمة التي
نراها ليست سوى ذرّةٍ صغيرةٍ متناهيةٍ
من عالمٍ أعظمْ ، ولسنا نقطعُ بعدمِ وجود
عالمٍ آخر في مكان آخر من الدنيا»
(مجلة
الفضاء)
.
يقول
أحدُ العلماء في مقالٍ كتبهُ حول عظمة
عالم الوجود ، بعد ذكر المسافات الهائلة
والمذهلة للمجرّات ، وبيان الأرقام
المدهشة المحددة طبقاً إلى السنةِ
الضوئية ما يأتي : «لا
زال المنجمّون يعتقدون أنّهم لم يقطعوا
سوى منتصف طريق ما يُمكنُ رؤيتُهُ من
العالم العظيم ، ولا زال عليهم اكتشاف
فضاءات أُخَر غير مكتشفة»
.
وعليه
فإنّ العوالم التي تكشَّفت للبشر لحدّ
الآن مع عظمتها ما هي إلّا زاوية صغيرة
من هذا العالم الكبير ، وتصلح للمطابقة
مع مسألة السموات السبع .
ما بين السموات والأرض ׃
أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بيَدِي فَقالَ: خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَومَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الجِبَالَ يَومَ الأحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَومَ الاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَومَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَومَ الأرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَومَ الخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ عليه السَّلَامُ بَعْدَ العَصْرِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ، في آخِرِ الخَلْقِ، في آخِرِ سَاعَةٍ مِن سَاعَاتِ الجُمُعَةِ، فِيما بيْنَ العَصْرِ إلى اللَّيْلِ.
الراوي
:
أبو
هريرة |
المحدث
:
مسلم
|
المصدر
:
صحيح
مسلم الصفحة
أو الرقم:
2789
|
خلاصة
حكم المحدث :
صحيح
شرح الحديث :
يَقولُ
أَبو هُريرَةَ رضي اللهُ عنه:
أَخَذَ
رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
بيَدي، فَقال:
خَلَق
اللهُ التُّربَةَ، أيِ:
الأَرْضَ
ذَاتَ التُّربَةِ، وَهذا إخبارٌ عَن
بَدءِ الخَلْقِ، وخَلَقَ فيها -
أي:
في
التُّربَةِ-
الجِبالَ
يَومَ الأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ
يَومَ الإثنينِ، وخَلَقَ المَكروهَ يَومَ
الثُّلاثاءِ، أي:
كُلَّ
ما يُكرَهُ مِن دَوابِّ السُّمومِ
والشُّرورِ وغَيرِها، وخَلَقَ النُّورَ،
أي:
خَلَقَ
الشَّمسَ والقمرَ والنُّجومَ والخَيرَ
كُلَّه كالأَنهارِ والمياهِ، يَومَ
الأَربعاءِ، وبَثَّ فيها الدَّوابَّ،
أي:
كُلَّ
ما يَدِبُّ مِن الحيوانِ فجَعَلَها
مُتفرِّقةً مُتنوِّعةً في الأماكنِ
المُختلِفَةِ يَومَ الخميسِ، ثُمَّ
خَلَقَ آدمَ عليه السَّلامُ بَعدَ العَصرِ
مِن يَومِ الجُمُعَةِ في آخرِ الخَلْقِ،
في آخِرِ ساعةٍ مِن ساعاتِ الجُمُعةِ،
فيما بَينَ العَصرِ إلى اللَّيلِ.
وفي
هَذا تَناسقٌ في الخَلْقِ عَجيبٌ يَليقُ
بِحكْمَةِ البارِي سُبحانَه؛ حيث بَدَأَ
أوَّلًا بخَلْقِ الأَرْضِ ثُمَّ ثَبَّتَها
بالأَوْتادِ ثُمَّ أَودَعَ فيها مِنَ
الشُّرورِ وجَعَل ما يُقابِلُه مِنَ
الخَيرِوالنُّورِ، ثُمَّ خَلَقَ آدمَ
بَعدُ، وهُو مَن يُبتَلى بالخَيرِ
والشَّرِّ ويَعيشُ ويَسكُنُ الأَرضَ،
فكانت مُهيَّأةً لَه ولسُكْناه
وفي
الحديثِ:
فَضلُ
التُّؤَدَةِ في الأُمورِ وَعَدمِ
العَجَلَة
قال
السدي في تفسيره ، عن أبي مالك -
وعن
أبي صالح عن ابن عباس -
وعن
مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة
׃﴿
هو
الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى
إلى السماء فسواهن سبع سماوات [
وهو
بكل شيء عليم ]
﴾
قال
:
إن
الله تبارك وتعالى كان عرشه على الماء ،
ولم يخلق شيئا غير ما خلق قبل الماء .
فلما
أراد أن يخلق الخلق ، أخرج من الماء دخانا
، فارتفع فوق الماء فسما عليه ، فسماه
سماء .
ثم
أيبس الماء فجعله أرضا واحدة ، ثم فتقها
فجعلها سبع أرضين في يومين في الأحد
والاثنين ، فخلق الأرض على حوت ، والحوت
هو النون الذي ذكره الله في القرآن :﴿
ن
والقلم ﴾
والحوت
في الماء ، والماء على ظهر صفاة ، والصفاة
على ظهر ملك ، والملك على صخرة ، والصخرة
في الريح ، وهي الصخرة التي ذكر لقمان -
ليست
في السماء ولا في الأرض ، فتحرك الحوت
فاضطرب ، فتزلزلت الأرض ، فأرسى عليها
الجبال فقرت ، فالجبال تفخر على الأرض ،
فذلك قوله تعالى :﴿
وألقى
في الأرض رواسي أن تميد بكم ﴾[
النحل
:
15
] .
وخلق
الجبال فيها ، وأقوات أهلها وشجرها وما
ينبغي لها في يومين ، في الثلاثاء والأربعاء
، وذلك حين يقول :﴿
قل
أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين
وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل
فيها رواسي من فوقها وبارك فيها ﴾[
فصلت
:
9
،
10
].
يقول
:
أنبت
شجرها ﴿
وقدر
فيها أقواتها ﴾
يقول
:
أقواتها
لأهلها﴿
في
أربعة أيام سواء للسائلين ﴾
[
فصلت
:
10
] يقول
:
من
سأل فهكذا الأمر .﴿
ثم
استوى إلى السماء وهي دخان ﴾
[
فصلت
:
11
] وذلك
الدخان من تنفس الماء حين تنفس ، فجعلها
سماء واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع سماوات
في يومين ، في الخميس والجمعة ، وإنما سمي
يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السماوات
والأرض ،﴿
وأوحى
في كل سماء أمرها ﴾[
فصلت
:
12
] قال
:
خلق
الله في كل سماء خلقها من الملائكة والخلق
الذي فيها ، من البحار وجبال البرد وما
لا نعلم ، ثم زين السماء الدنيا بالكواكب
، فجعلها زينة وحفظا تحفظ من الشياطين .
فلما
فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش .
-لَمَّا
قَضَى اللَّهُ الخَلْقَ كَتَبَ في كِتابِهِ
فَهو عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ إنَّ
رَحْمَتي غَلَبَتْ غَضَبِي.
الراوي
:
أبو
هريرة |
المحدث
:
البخاري
|
المصدر
:
صحيح
البخاري |
الصفحة
أو الرقم :
3194
| خلاصة
حكم المحدث :
[صحيح]
| التخريج
:أخرجه
البخاري (3194)
واللفظ
له، ومسلم (2751)
شرح الحديث ׃
في
هذا الحديثِ:
يقول
النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم:
«إنَّ
اللهَ كَتَب كتابًا قبلَ أن يَخلُقَ
الخَلْقَ»،
أي:
إنَّ
اللهَ تعالى كَتَب المقادِيرَ قبلَ أن
يَخْلُقَ الخلقَ، ومِمَّا كَتَب سبحانه
وتعالى وهو عندَه فوقَ العَرْش:
أنَّ
رحمتَه تعالى سَبَقَتْ غَضَبَه؛ فهو
سبحانه وتعالى الغَفُور الرَّحِيم،
فكانتْ رحمتُه أسبقَ لعبادِه مِن الغَضَبِ؛
فهو قد ابْتَدَأَ خَلْقَه بالنِّعمَة
بإخراجِهم مِن العَدَمِ إلى الوُجُودِ،
وبَسَطَ لهم-
مِن
رحمتِه-
في
قلوبِ الأَبَوَيْنِ على الأبناءِ مِنَ
الصَّبرِ على تَرْبِيَتِهم ومباشرةِ
أقذارِهم ما إذا تدبَّره متدبِّرٌ أَيْقَنَ
أنَّ ذلك مِن رحمتِه تعالى، ومِن رحمتِه
تعالى السابقةِ أنَّه يَرزُق الكُفَّارَ
ويُنعِّمهم، ويَدْفَع عنهم الآلامَ،
ثُمَّ رُبَّما أَدْخَلَهم الإسلامَ-
رحمةً
منه لهم-
وقد
بَلَغوا مِن التمرُّد عليه والخَلْعِ
لرُبوبِيَّتِه غاياتٍ تُغضِبُه، فتَغلِب
رحمتُه ويُدخِلهم-
بعد
إسلامِهم-
جَنَّتَه،
ومَن لم يَتُبْ عليه حتَّى توفَّاه فقد
رَحِمَه مُدَّةَ عُمرِه بِتَرَاخِي
عُقوبتِه عنه، وقد كان له ألَّا يُمْهِلَه
بالعقوبةِ ساعةَ كُفرِه به ومعصيتِه له،
لكنَّه أَمْهَلَه رحمةً له، فكلُّ ذلك
مِن شَوَاهِدِ سَبْقِ رحمتِه تعالى
لغَضَبِه، ومع هذا فإنَّ رحمةَ الله
السابقةَ أكثرُ مِن أن يُحِيطَ بها
وصْفٌ.
وفي الحديثِ: دليلٌ على استواءِ اللهِ تعالى على عرشِه، وعُلُوِّه على خَلْقِه.
ويَتَضَمَّنُ: سَعَةَ رحمةِ الله، وكثرةَ فضلِه في حِلْمِه قبلَ انتِقامِه، وعَفْوِه قبلَ عُقوبَتِه.
وفي الحديثِ: دليلٌ على استواءِ اللهِ تعالى على عرشِه، وعُلُوِّه على خَلْقِه.
ويَتَضَمَّنُ: سَعَةَ رحمةِ الله، وكثرةَ فضلِه في حِلْمِه قبلَ انتِقامِه، وعَفْوِه قبلَ عُقوبَتِه.
ما جاء في سبع أرضين ׃
وقوله
تعالى:﴿
اللَّهُ
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ
الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ
الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ
بِكُلِّ
شَيْءٍ عِلْماً
﴾
[الطلاق:
12].
يقول
تعالى مخبرا عن قدرته التامة وسلطانه
العظيم ليكون ذلك باعثا على تعظيم ما شرع
من الدين القويم ﴿
الله
الذي خلق سبع سماوات ﴾
كقوله
تعالى إخبارا عن نوح أنه قال لقومه﴿
ألم
تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا ﴾[
نوح
:15
] وقال
تعالى ﴿
تسبح
له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ﴾
[
الإسراء
:
44
] .
وقوله
تعالى ﴿
ومن
الأرض مثلهن ﴾
أي
سبعا أيضا ، كما جاء
في هذا الحديث ׃
{
أنَّ
أَبَا سَلَمَةَ، حَدَّثَهُ، وَكانَ
بيْنَهُ وبيْنَ قَوْمِهِ خُصُومَةٌ في
أَرْضٍ، وَأنَّهُ دَخَلَ علَى عَائِشَةَ
فَذَكَرَ ذلكَ لَهَا، فَقالَتْ:
يا
أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبِ الأرْضَ، فإنَّ
رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ،
قالَ:
مَن
ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ،
طُوِّقَهُ مِن سَبْعِ أَرَضِينَ}.
الراوي
:
محمد
بن إبراهيم التيمي |
المحدث
:
مسلم
|
المصدر
:
صحيح
مسلم الصفحة
أو الرقم:
1612
|
خلاصة
حكم المحدث :
[صحيح]
ومن حمل ذلك على سبعة أقاليم فقد أبعد النجعة ، وأغرق في النزع ، وخالف القرآن ، والحديث بلا مستند .
وقال
ابن جرير ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا وكيع
، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم بن مهاجر ،
عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله :
﴿
سبع
سماوات ومن الأرض مثلهن ﴾
قال
لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم ، وكفركم
تكذيبكم بها .
وذكر
البخاري هاهنا حديث محمد بن سيرين، عن
عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
..((الزمان
قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات
والأرض، السنة اثني عشر شهراً))
الحديث.
ومراده
والله أعلم تقرير قوله تعالى:
﴿
اللَّهُ
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ
الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ
﴾
أي
في العدد.
كما
أن عدة الشهور الآن اثني عشر مطابقة لعدة
الشهور عند الله في كتابه الأول، فهذه
مطابقة في الزمن، كما أن تلك مطابقة في
المكان.
وهناك
العديد من الأحاديث
المتواترة في إثبات سبع أرضين، والمراد
بذلك أن كل واحدة فوق الأخرى، والتي تحتها
في وسطها عند أهل الهيئة، حتى ينتهي الأمر
إلى السابعة وهي صماء لا جوف لها، وفي
وسطها المركز، وهي نقطة مقدرة متوهمة.
وهو
محط الأثقال، إليه ينتهي ما يهبط من كل
جانب إذا لم يعاوقه مانع.
واختلفوا
هل هن متراكمات بلا تفاصل أو بين كل واحدة
والتي تليها خلاء
على قولين⸲
وهذا الخلاف جار في الأفلاك أيضاً ⸲
والظاهر أن بين كل واحدة منهن وبين الأخرى مسافة،
لظاهر قوله تعالى:
﴿
اللَّهُ
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ
الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ
﴾
الآية
[الطلاق:
12].
وجاء
في هذا الحديث ׃
قال
الإمام أحمد:
حدثنا
شريح، حدثنا الحكم بن عبد الملك، عن قتادة،
عن الحسن، عن أبي هريرة قال:
بينا
نحن عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ إذ مرَّتْ سحابةٌ فقال׃
أتدرون ما هذه ؟قلنا
اللهُ ورسولُه أعلمُ قال العنانُ ⸲وزوايا
الأرضِ تسوقُه إلى من لا يشكرونه من عبادِه
ولا يَدعونه⸲
أتدرون ما هذا فوقَكم؟
قلنا اللهُ ورسولُه أعلمُ قال׃
الرفيعُ موجٌ مكفوفٌ وسقفٌ محفوظٌ⸲
أتدرون كم بينكم وبينها ؟قلنا
اللهُ ورسولُه أعلمُ قال׃
مسيرةُ خمسمائةِ سنةٍ⸲
ثم قال أتدرون ما الذي فوقها؟
قلنا اللهُ ورسولُه أعلمُ قال׃
مسيرةُ خمسمائةِ عامٍ حتى عدَّ سبعَ
سمواتٍ⸲
ثم قال أتدرون ما فوق ذلك؟
قلنا اللهُ ورسولُه أعلمُ قال׃
العرشُ ⸲
أتدرون كم بينه وبين السماءِ السابعة؟
قلنا اللهُ ورسولُه أعلمُ قال ׃
مسيرةُ خمسمائةِ عامٍ⸲
ثم قال أتدرون ما هذه تحتَكم؟
قلنا اللهُ ورسولُه أعلمُ قال׃
أرضٌ⸲
أتدرون ما تحتَها؟
قلنا اللهُ ورسولُه أعلمُ قال׃
أرضٌ أخرى ⸲
أتدرون كم بينهما؟
قلنا اللهُ ورسولُه أعلمُ قال ׃
مسيرةُ خمسمائةِ عامٍ حتى عدَّ سبعَ
أرَضِينَ ثم قال وأيمُ اللهِ لو دلَّيتُم
أحدَكم إلى الأرضِ السُّفلى السابعةِ
لهبط ثم قرأ
قوله تعالى׃﴿
هُوَ
الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ
وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ ﴾
[الحديد:
3]
.
الراوي
:
أبو
هريرة |
المحدث
:
ابن
كثير |
المصدر
:
البداية
والنهاية الصفحة
أو الرقم:
1/17
|
خلاصة
حكم المحدث :
روي
مرسلا وهذا أشبه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق